عقول عمانية
متوترة
العقل الجمعي العماني مشوش إلى حد ما، فيه مساحات تماثل هادئة وفيه مساحات افتراق مضطربة. في مساحات الاضطراب والتوتر تلك ينقسم عقلنا ليشكل عقول متعددة متوترة تفتقد اليقين.
.................................................. .................................
العقل
الأباضي
سأبدأ بعقل عمان الأباضي، والسبب هو أني أظنّه أكثر العقول العمانية قلقاً وتوتراً في هذه المرحلة كما أني أحسبه عقل الأغلبية السياسية والثقافية. أسباب توتر هذا العقل ترجع لأسباب ناتجة بشكل أساس عن إنكشاف الحدود الوطنية أمام التداخلات المختلفة سواءً اقتصادية أو ثقافية أو إعلامية وحتى بشرية وهو ما قد يعبّر عنه اليوم بـ"العولمة" أو "الانفتاح" أو غيرها من المصطلحات. هذه التداخلات تمارس ضغوطاً شديدة على هذا العقل مهددة بطمس حدود هويته سواء منها الحقيقية أو المتخيلة. هذا مع الاعتبار أن "الأباضية" في عمان قد تعدّت مفهوم المذهب الفقهي العقدي عند البعض إلى المفهوم الوطني وأحياناً لأبعاد اجتماعية.
مظاهر توتر هذا العقل يمكن ملاحظتها في مواضع كثيرة، لكن أهمها كما أراه هو سعيه الحثيث لتحديد (من هو الآخر) وتأطيره عن طيفه المحيط في مقابل (من نحن) إذ أن معرفة الآخر أساس لمعرفة (من نحن). ويبدو أن صورة (الآخر) بدأت شيئاً فشيئاً تتشكل لتشبه العقل السنّي السلفي.
أيضاً كان من تلك المظاهر التنظيم الذي أعلنت الحكومة القبض عليه عام 2005. ثم الجدل حول مسألة الأهلّه في المناسبات الدينية. وهناك أمثلة أخرى أذكر منها حملتة على مشروع الأوبرا وانتقاده لبعض التيارات الثقافية غير الدينية وزيادة إلتفافه برموزه الفكرية (بالطبع هذه المظاهر توجد عند عقول أخرى).
.................................................. ...........................
الوجود
السنّي.
يمكن النظر للعقل الأباضي في عمان على أنه (أغلبية) سياسية وثقافية، أغلبية سياسية بحكم الإنتماء المذهبي لرأس هرم السلطة بغض النظر عن نظرته للأمر، وأغلبية ثقافية بحكم سيطرته على الخطاب الديني، وهو يسعى جاهداً لربط كامل الوطن وبشكل حصري بهويته حاضراً وتاريخاً ومستقبلاً . لكن ما يشوّش هذا التطابق هو وجود (الأقلية) السنّية، فوجودها يجعل حدود الوطن غير واضحة المعالم بل ومخترقة من قبل الآخر. من جهة أخرى الوجود السنّي كثيراً ما يذكّر بإحباطات وخسائر تاريخية مرتبطة بالتوسع السعودي خلال القرن الماضي، وهذا يفسّر لنا عدم توتّر هذا العقل تجاه التيارات الفكرية الدينية غير المرتبطة بالسعودية.
.................................................. ...............................
العقل
السنّي
توتر عقل (الأغلبية) الأباضي ومظاهر ذلك التوتر انعكست على كل العقول الأخرى ومنها السني بالطبع فخلقت ذريعة لارتباطه بمرجعيات فكرية خارجية وهذا بالطبع زاد من توتر الأول.
ولعلّي أنبه هنا أن الأمر يمكن قراءته بشكل معكوس، إذ يمكن القول أن الارتياب والتوتر والشعور بـالخشية من طمس الهوية السنيّة ومن ثم التطلع للخارج هو ما أثار اضطراب عقل الأغلبية الأباضي. أياً كان الأمر فلا فرق الآن.
.................................................. .................................
العقل الاقتصادي
الشعبي
هنا مساحة أوسع تتلاشى فيها الحدود الفكرية لتبرز فيها الحدود الاقتصادية، وحجم هذا العقل يشكل نسبة كبيرة من العقل الجمعي وهو أقل توتراً. ما يثير توتر هذا العقل هو وجود أقليّة تسيطر على مقدرات الوطن الإقتصادية. الملفت في هذا الأمر أنه وفق هذا العقل فإنه يوجد صنفان في هذه الأقلية. الصنف الأول ويمكن تسميته أقلية مؤقتة، وهم أصحاب المراكز السيادية العليا. الصنف الثاني وهم الأقلية الدائمة كالعائلات والعرقيات المسيطرة على القطاع الإقتصادي.أذكر هنا أن أول مطالب المعتصمين في الأحداث الأخيرة كان إزالة رمز الأقلية المؤقتة ورمز الأقلية الدائمة......بالطبع كان العقل الذي يفكرون به حينها هو العقل الاقتصادي الشعبي.
بالطبع كما هو حال البشر دوماً لا يخضعون للتقسيمات الدقيقة ولايمكن تصنيفهم بحال من الأحوال، إنما حاولت إيجاد أنماط يسهل التعامل معها والتفكير بها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق