السبت، 20 يونيو 2015

خير تعمل .....شرّ تلقى

خير تعمل، شر تلقى!

علي......شاب عشريني، لطيف ووسيم، وحسن الهندام، حضوره يبعث البهجة في أي مجلس يحضره، وهو مرحب به دوماً في كل مكان، ويتسابق الجميع للكلام معه واستظهار ما تكنه نفسه من حكايات وأفكار تبعث الابتسامات والضحكات.
علي ليس مختل عقلياً.....أبداً.....إنما مستوى ذكاءه منخفض، ويتصرف بحسن نيّة أقل ما يقال عنها أنها ساذجة، كما أنّه تقريباً يصدّق معظم ما يقال له.
اعتدت أن ألتقي بعلي في أماكن كثيرة، عند الحلّاق مثلاً، فهو شديد الاهتمام بمظهره، ويتعمّد أن يدخل لمحل الحلاقة إن رأى أحداً يعرفه طمعاً في أن يدفع عنه أجرة الحلاقة. أحياناً يأتي للمكتب، وبأدب شديد يدّعي أنه بحاجة لأجرة التاكسي ليذهب للبيت، والجميع يعرف أنه ينفق المال على المشروبات الغازية والحلويات التي يعشقها بجنون.
المزحة المعتادة التي كنت أمزحها مع علي هي مزحة الزواج، كنت سألته مرّة......متى ستتزوج يا علي؟
وأجابني ببراءة وهو يتظاهر بأنه يسر لي بالكلام

-لو بودّي تزوجت اليوم، لكن كما تعرف ليس لدي مال، لو كان أبي أو أمي حيّان لكانا ساعداني......هذه حال من ليس له أحد.

-يمكنك أن تتزوج من الخارج يا علي، وستكون التكلفة قليلة.

-حاولت استخراج ترخيص للزواج من الخارج، لكن الجهات الحكومية اشترطت علي وجود كفيل يتعهد بإعالتي أنا وزوجتي، فأنا لا أعمل كما تعرف.

دارت الأيام، وجاءني مرّة علي للمكتب، جلس أمامي وهو يكاد لا يستطيع أن يستقر على الكرسي والابتسامات تتطاير منه مع أنفاسه. عندما خلا الجو لنا اقترب مني وأسر لي .....

-سالم.....لقد تزوجت.....تزوجت أخيراً.....والله العظيم تزوجت من فتاة اندونيسية، وهي جميلة جداً جداً.....

-ما شاء الله.....بالبركة. ومن تكفل لك أمام الجهات الرسمية بالنفقة، أخوك؟!.

-لا ليس أخي، إنه لا يعبأ بي أبداً، ولطالما حاول طردي من البيت الذي ورثناه عن أبي. ابن جيراننا سعيد هو من ساعدني ووقع ورقة الكفالة.

-وأين تسكن أنت وزوجتك الآن؟

-أنا مازلت أسكن في بيتنا القديم، أما زوجتي فقد استأجر لها سعيد شقّة جديدة ويقوم هو بكل احتياجاتها، وأحياناً يأخذني لزيارتها.
لعلكم فهمتم الآن كما فهمت أنا أي استغلال وقع على المسكين علي، أنا أصبت بالصدمة، ومع ذلك لم أستطع أن أشرح له الأمر. فكّرت كيف يمكنني أن أساعده وأنقذه من براث ذلك المحتال سعيد. في المساء مررت متعمداً بالحلاق القريب من بيتهم فوجدته عند الباب، تلطفت معه واشتريت له ما أراد من البقالة المجاورة وأخذته في جولة بالسيارة لأفاتحه بالموضوع

-علي.....أرجو أن تركّز معي، هذه الزوجة التي أتى بها لك سعيد لا تصلح لك.

-لا تصلح لي!!! لماذا؟ إنها طيبة معي، وحين يأخذني سعيد لزيارتها تعطيني خمسة ريالات......أنت الآن تقول مثل كلام أخي، لماذا كلكم تريدون أيذائي ومضايقتي؟.

-لا يا علي، أنا لا أريد مضايقتك، أنا فقط كنت أتمنى أن تتزوج بفتاة جميلة، هل تعرف يا علي أن الأوكرانيات مشهورات بالجمال!!!. أنا مستعد أن أدبر لك عروساً أوكرانية وأن أوقع لك على الكفالة، وأيضاً سأستأجر الشقة وأثثها، وسآخذك لزيارة نتاشا كل أسبوع........ما رأيك؟!.

-من هي نتاشا؟!

-إنها الفتاة الأوكرانية....زوجتك المستقبلية....انظر لصورتها في الهاتف، أترى كم هي جميلة؟!

-ووووووووو.....ووووو......ولماذا سعيد لم يأتِ لي بمثل هذا الشيء العجيب؟!.

-سعيد نظرته ضيقة وعلى المستوى الآسيوي فقط، أما أنت فتستحق أن توسع آفاقك لتشمل أقاصي العالم. ما أريده منك الآن أن تطلق تلك الأندونيسية التي جاء بها سعيد وتخبره أنك لست بحاجة لكفالته. وخلال شهر أعدك أن زوجتك نتاشا ستكون هنا، وستنام أنت في بيتك مرتاحاً وأنا سأقوم بكل مهماتك وعلى أتم وجه.

في الغد جاءني علي للمكتب ووجهه قد تغيّر، سألته عمّا يكدره فقال

-تصور.....تصور أن سعيد رفض أن أطلق الاندونيسية، وقال لي أني يجب أن أدفع له قيمة التذاكر والأثاث وإيجار الشقة للمدة الماضية، وأنا لا أملك أي مال.

-لا تقلق أخي علي، أنا سأعطيك المال وادفع له. وعلى كل حال نحن سنحتاج الشقة، زوجتك نتاشا ستصل بعد شهر على أكثر تقدير.

أتممنا إجراءات الترخيص من وزارة الداخلية، وبعثنا التأشيرة لنتاشا. وصلت نتاشا للمطار وكنّا في استقبالها أنا وعلي.
لم أكن أصدق نفسي أن نتاشا أخيراً هنا، وأيضاً حللت مشكلة علي وخلّصته من ذلك المحتال سعيد. 
أوصلت علي لبيته وأخذت نتاشا للشقة، تركتها لترتاح من عناء الرحلة واتفقنا على اللقاء في الغد لنمضي وقتاً سعيداً.......ولم أكن حينها أعرف ما يخبئ لي الغد.
في الصباح، وبمجرد دخولي للمكتب جاءني اتصال من رقم هاتف غريب، وحين أجبت أخبرني أنه من مكتب المدعي العام وأن حضوري مطلوب بشكل فوري.
ذهبت لمكتب المدّعي العام وأنا كلّي عجب وتعجب مما قد يكون السبب من استدعائي. انتظرت لبضع دقائق حتى أدخلوني على ممثل الادعاء، وبكل برود أخذ يخبرني أن علي الذي أحضرت له زوجته البارحة قد اشتكى من أني أتعرض بالمضايقة لزوجته، وأني أيضاً أتردد بقرب شقته.

أسقط في يديّ، ولم تفلح محاولتي إخبار ممثل الادعاء أني أنا من يكفله في زواجه وأني أنا من أحضرت نتاشا، ولم يكن يقنعه إلا شيء واحد. إما التوقيع على تعهد بعدم الاتصال أو الاقتراب من علي وزوجته وشقتهما أو أن تأخذ القضية مسارها للمحكمة. وقعت التعهد مجبراً، وخرجت وأنا أردد المثل القائل "يا فاعل خير يا لاقي شر".

وتدور الأيام، وإذا بي ذات صباح أدخل لمكتب مدير دائرتنا لأجد علي بقربه وهو يسرّ له بشيء ما، وبعدها قال المدير لعلي "لا تقلق أخي علي، أنا سأتكفل بكل ما يطلبه سعيد.....اذهب أنت الآن وسنلتقي لاحقاً".
بالطبع فهمتم أي استغلال ينتظر المدير، لكنّي لم أكن أستطيع أن أفعل شيئاً، ويكفيني أن علي في كل مرة يستخدم حكاية سعيد ويستر على أسماء ضحاياه الحقيقيين، وأنا آخرهم.

الجمعة، 12 يونيو 2015

حقنة شرجية

قيصر....هو العامل الباكستاني الجديد الذي أحضرته للمزرعة. فرحت به لما رأيت من اجتهاده في العمل والعناية بالمزروعات والبهائم. ولست أدري الآن، أهي عين أصابته أم فرحتي به هي ما جنى عليه.
الموضوع باختصار أن محصول السنة من التين الشوكي جيّد جداً، ويبدو أن قيصر يرى التين الشوكي لأول مرّة، ولايعرف أن الإكثار منه قد يؤدي لعواقب وخيمة. المهم....قبل أمس قطفنا كميّة كبيرة، وكان يفترض بقيصر أن يرصّها في الصناديق خلال المساء استعداداً لتسويقها في الصباح. ما كان يفعله قيصر أثناء رصّ المحصول في الصناديق أنّه كان يلتهم ما يستطيبه منها، ولكم أن تتصوروا كم التهم قيصر خلال تعبئته لخمسين صندوقاً.....لم يكتفِ بذلك، بل أخذ ما زاد من الثمار لجاره عامل المزرعة المجاورة والتهماه معاً.
اتصل بي قيصر في الرابعة صباحاً وهو يئن ويتأوه. حقاً اعتقدت أنّ أحداً هاجمه وطعنه بسكين من كثرة تأوهه. عندما وصلته وجدته مستلقيٍ على ظهره وبطنه منتفخه، كان بالكاد يجرّ نفسه. أخافني منظره كثيراً، وتذكّرت يوم لدغت أفعى إحدى البقرات فأصبحت منتفخة مثل قيصر. جثوت بجانبه وأنا أسأله بلهفة
-قيصر.....ماذا حصل؟ هل لدغتك أفعى؟
-لا....لا....لا أدري، لم أستطع النوم من ألم بطني، أحسّ برغبة شديدة للذهاب للحمام لكنّي كلّما ذهبت لا يخرج شيء. والآن كما ترى بطني انتفخت.
كان يتكلم ولا أرى من عينيه إلا البياض، أدركت أنه سيهلك لا محالة. من لطف الله به أنّي لمحت بقايا التين الشوكي الذي التهمه عند الباب. حينها فقط عرفت ما حصل....قلت له
-قيصر....هل أكلت كثيراً من هذا؟
-نعم....ليس كثيراً كثيراً....ربّما أكلت كثيراً لا أعرف.
-يا مجنون، لابد أن الحبيبات الآن ملتصقة ببعضها وتسدّ كل أمعائك، ماذا أفعل معك الآن.
لحسن الحظ أعرف أحد الإخوة الأطباء، فلسطيني لديه عيادة خاصة، وما جاء به لمخيلتي حينها أنّه كان يوماً ما أخبرني أن هذه المشكلة شائعة في فلسطين بسبب كثرة محصول التين الشوكي هناك. اتصلت به
-صباح الخير دكتور رياض. آسف لإزعاجك لكنه أمر طارئ.
-تفضّل، ماذا هناك؟
-عامل المزرعة أكل كمية كبيرة من التين الشوكي، ويبدو أن أمعاءه مسدودة بالكامل.....بطنه منتفخة ويصرخ من الألم. ماذا أفعل به؟.
-هههههه....اطمئن، لن يموت، وعلاجه بسيط. اسمع....علاجه الوحيد هو حقنة شرجية بالشامبو. عليك أن تخلط كمية كبيرة من الشامبو والماء وتضخها فيه من فتحة الشرج. بعدها اطلب منه أن يمشي قليلاً، وإن لم ينطلق بطنه فاذهب به فوراً للطوارئ وسيتصرفون معه بسهولة.
حاولت التصرف بسرعة وبما تيسر من امكانات. لحسن الحظ وجدت عبوة شامبو مملوءة لدى قيصر، أفرغتها في دلو كبير ثم ملأته بالماء. أحضرت مضخة الديزل اليدوية ووصلتها بأنبوب له نهاية مطاطية ضيّقة قدّرت أنها ستدخل في شرج قيصر بسهولة ان دهنتها بالفازلين، والجيّد أن النهاية المطاطية عبارة عن صمّام في اتجاه واحد يمنع عودة السائل.
قلبت قيصر على جنبه وأنزلت سرواله، دهنت الأنبوب بالفازلين وأدخلت طرفه في شرجه. صرخ المسكين وتأوه، لكنّه استسلم بعد ذلك. بدأت بضخ الماء المخلوط بالشامبو من الدلو لأمعاء قيصر وهو يأن مع كل دفقة أضخها فيه. عندما انتهيت من ضخ كامل الدلو وسحبت الأنبوب منه كان كأنه مغماً عليه. كان فمه مفتوحاً وعيناه مبيضتان. حاولت جهدي معه لينهض ويمشي ولو لبضع خطوات، لعلّ أمعاءه تتحرك قليلاً.
أخيراً نجحت، وتحامل المسكين على نفسه وقام على رجليه. لاحظت أن بطنه انتفخت كثيراً وهيء لي أنها ستنفجر في أي لحظة. بعد أن مشى بضع خطوات حدث شيء أخافني عليه بشدّة، لقد بدأت الرغوة تخرج من فمه وأنفه. أيقنت حينها أن أمعاءه منعقدة بالكامل ولن تنفتح بشكل طبيعي ولا مناص من أخذه للمستشفى. أخذت أجره كالثور حتى ألقيته على المقعد الخلفي للسيارة وانطلقت لطوارئ المستشفى.
وصلت المستشفى مع إشراقة الشمس، وحين أدخل قيصر ورآه الطبيب أصيب بالفزع من انتفاخ بطنه. وعندما أخبرته بما حدث طلب تجهيز غرفة عمليات الطوارئ بسرعة. استعدادا للدخول لغرفة العمليات كان قيصر على النقالة في صالة الطوارئ، طلب الطبيب من أحد الممرضين أن ينزل سروال قيصر ليفحصه فحصاً مبدئياً. وهو ينظر صرخ فجأة.....اقتربت لأرى لما ينظر....قال لي
-ما هذا!!!....هناك شيء يسدّ فتحة شرج المسكين....شيء أسود كالمطاط.
لقد كانت نهاية الانبوب المطاطية، يبدو أنها بقيت هناك ولم أنتبه لها.....مدّ الطبيب يده وأمسك يطرفها.....وسحبها بشكل مفاجئ.....ولا أراكم الله ماذا حصل بعد ذلك.
الانفجار الأولي نجم عنه إصابات في وجه الطبيب، وأظن أن بعض الحبيبات التي كانت قريبة من الفوهة أصابت عينيه. تلا ذلك انفجارات متعددة أسفرت عن إصابة معظم جدران قاعة الطوارئ بالحبيبات والشظايا المتطايرة. من شدّة القذف اندفع السرير على دوالبه بشكل دائري مما جعل الحبيبات تصل لطاولة الاستقبال حيث أصيبت ممرضتان. الصراخ والجلبة دفعت برجال الأمن المتواجدين على البوابة للاسراع لقسم الطوارئ، وصوت حبيبات التين المتطايرة واصطدامها بالجدار لم يترك لهم مجالاً إلا الانبطاح أرضاً .....كل هذا وأنا مختبئ تحت سرير قيصر، ولذلك لم أصب بأي شيئ.
حين توقّف اطلاق التين رفعت رأسي فإذا بوجه قيصر قد عادت له الحياة، تعجّلته لينزل من على السرير ولنغادر أرض المعركة وإلا يعلم الله ما قد يحدث لنا، وتمكنّا من ذلك ولله الحمد.....ولعلّ قيصر قد تعلّم درساً عظيماً.

حلاقة وزواج على منفذ هيلي الحدودي

حلاقة وزواج على منفذ هيلي الحدودي


كنت عائداً من مدينة العين بالامارات لمدينة البريمي بعمان بعد صلاة المغرب، وأحسست بضيق شديد حين وجدت أمامي صفاً طويلاً من السيارات. كعادتي أخذت المسار الأيمن لأتحاشى مضايقات "لصوص الدور" الذين يحاولون اختراق الصف بالقرب من المنفذ دون أقل احترام لغيرهم ممن قضوا وقتاً طويلاً يعانون الانتظار. بمعادلي في الصف الأيسر سيارة صغيرة بيضاء، وبرغم أني عادة لا ألتفت إلا أنّي من طرف عيني لاحظت أن السائق يقوم بحركات غريبة، قاومت فضولي في البداية، ولمّا لم استطع المقاومة أكثر تظاهرت أنّي أنظر لصف السيارات خلفي لأسترق نظرة سريعة. لكن النظرة لم تكن سريعة، بل تحوّل الأمر لدهشة ومتابعة للأحداث.

أول ما رأيت من الشخص الذي يقود السيارة أنّه كان يمسك بملقط وينتف الشعر الزائد من أنفه وهو ينظر في مرآة الشمسية. وبعد شعر الأنف جاء دور شعر الوجنتين. كان يضغط بلسانه على باطن خدّه بمهارة عجيبة حتى لكأنه يرفعه بقضيب حديدي.
استمر في ذلك لفترة، وصف السيارات كان بالكاد يتحرّك، وأنا لم أستطع كبح نفسي عن متابعة حركاته العجيبة بالرغم من أنه انتبه أكثر من مرّه أنّي أراقبه.

لم يكتفِ أخانا بالنتف، بل فاجئني بإخراج حقيبة سوداء وضعها بجانب المقود، وعندما فتحها تبيّن أنها عدّة حلاقة. وفيما هو يخرج آلة الحلاقة نظر لي مبتسماً وأشار بيده لصف السيارات التي أمامه وكأنه يقول لي "مازال أمامنا وقت طويل".
تفحّص رأس آلة الحلاقة ونفخ فيه عدّة مرات، ثم أخذ يتلفّت يبحث عن شيء ما، مدّ يديه يتلمّس المقعد الخلفي، فتح الصندوق الذي بين المقعدين الأماميين وعليه أمارات الضّيق فلم يجد ما يبحث عنه. نظر لي وفتح نافذته، عرفت أنه يريد أن يقول شيئاً ففتحت نافذتي بدوري...قال

-هل لديك فوطة صغيرة أو أي شيء يمكن أن أستخدمه؟.

في الحقيقة طلبه أصابني بالدوار، لكن جدّية ملامحه أجبرتني على التعاطي مع الطلب بجدّية. تذكّرت أنّي أحتفظ بفوطة مع عدّة الرحلات في السيارة، ولأن صفّ السيارات لم يكن يتحّرك فقد كان سهلاً علي النزول وإخراج الفوطة.
أعطيته إياها من النافذة وسألته إن كان بحاجة شيء آخر

-هل تحتاج شيئاً آخر؟، لدي عدّة رحلات متكاملة.

-إن توفّر لديك كريم مرطّب وعطر ما بعد الحلاقة فسيكون ذلك رائعاً.

أعطيته ما طلب وأخبرته أن يعتبر الأشياء هدية له. وأثناء الطريق تبادلنا الحديث، سألته

-مالذي يجبرك على الحلاقة في السيارة، يمكنك الإنتظار حتى تصل للبيت.

-في الحقيقة أنا ذاهب لزيارة خطيبتي، وبسبب ظروف العمل وازدحام المنفذ لا أجد الوقت الكافي. لكن هل تتخيّل أني تعرفت على خطيبتي هنا في المنفذ!!!.

-هل أنت تقول الحقيقة؟!

-نعم......التقيتها هنا. هي مثلي من العابرين. وتصادف مرّة أن كان الزحام شديداً، وكنت أنا أتضوّر جوعاً، وكانت هي تقف بسيارتها بجانبي وبيدها شطيرة. رأتني فعرفت من نظراتي أنّي جائع وأعطتني من طعامها......فكان الزحام سبباً في المحبّة.

-ما دمت تزوجت من المنفذ، وأكلت منه، فلا عجب أن تحلق ذقنك فيه.

ودّعت الرجل عندما اقتربنا من حجيرات التدقيق على الجوازات وأنا في عجب مما قد يحدثه من تغيير في حياة الناس أمر مثل ازدحام منفذ حدودي.