الاثنين، 27 يوليو 2015

المخدّر الأكثر شيوعاً


المخدّر يغتال العقل، وليس هناك ما يغتال العقل اليوم أكثر من التلفزيون وتوابعه من إعلام يخلو من القيم.
أخبرني أحد المشايخ يقول: جاءني رجل يستفتيني في أمر، وبعد أن أعطيته الجواب أنكر علي وقال كلامك خاطئ يا شيخ، ولمّا طلبت منه التوضيح أكثر أخبرني أنّه استمع لفتوى مغايرة من الشيخ أحمد بن حنبل نفسه في أحد المسلسلات التلفزيونية!!!......
هذه قناعات رجل قد جاوز الأربعين عاماً، لكنّه قضاها كلّها يتعاطى من مخدّرات التلفزيون، فلا نستغرب أن يأخذ دينه من المسلسلات.
إليكم المثال الثاني، وهذا موقف عادي من مواقف كثيرة قد حصل لي قبل مدّة بسيطة، ورغم بساطته إلا أنّه يبين كيف هي حال المدمنين.
التقيت بأحدهم في مجلس، ودار حديث عابر حول جماعة الإخوان المسلمين، قال صاحبنا "أمير قطر مؤيد للإخوان، حتى أنّه جاء بعزمي بشارة وجعله مستشاراً له"
على حدّ علمي عزمي بشارة ليس مسلماً حتى ناهيك أن يكون من جماعة الإخوان، ولمّا صدمته بهذه المعلومة لم يدرِ ما يقول ولم يحاول حتى تمحيص هذه المعلومة معي لأنه غير متعوّد على التمحيص، إنما تعوّد على الاستماع فقط.
حقاً يصيبني العجب من رجال يبدون في غاية الاتزان ثم تسمع منهم ما يبدو شديد التفاهة وخال من أي موضوعية، وحتى بعض الحق الذي ينطقون به إنما ينطقون به عن جهل، ولشدّة ما هم مدمنون لا يجدي معهم أي نقاش، ولربما كان الاستماع لهم بصمت خير وأجدى، لأنك إن قلت شيئاً لا يوافق عالم المدمنين فقد تتهم بسوء.
غير مرّة اتهمت بأنّي مناصر للإخوان لأني حاولت التوضيح أن الإخوان ليسوا شيعة، ومؤخراً اتهمني أحد الإخوة بأني مناصر للدواعش لأني نفيت أن الدواعش منعوا صلاة التراويح.
ليس مطلوباً من الانسان أن يفهم كل شيء، لكنه أيضاً ليس مضطراً لتسليم أذنه وعقله للآخرين، وأحياناً يحصل ذلك في غاية السذاجة والتفاهة، كما يحدث من بعض الشخصيات العامة التي تروج لأشياء بأسلوب يستخف ويستحقر المتلقي ومع ذلك يجد من يستمع له.
كن على يقين بأن ليس هناك إعلام نزيه متجرّد، ولربّما تجد من يثق بمؤسسات مهنية وعريقة كمؤسسة البي بي سي، لكن حتى على هذا المستوى ليست هناك أمانة مطلقة، فالبي بي سي العربية مثلاً جزء من ميزانيتها يأتي من جهات حكومية بريطانية تحاول التأثير في مجريات الأمور كوزارة الخارجية.
الأكثر تفاهة من التلفزيون هو هذا المهرج الجديد، "الواتساب"، هذا الذي يقفز بين يديك في كل لحظة ليخبرك بما يجب عليك أن تعرف وكيف عليك أن تفكّر.
يخبرني أحد أساتذة الجامعة أن أكبر مشكلة تواجهه هي جعل الطلبة يقرأون. سبحان الله.....إسمه طالب علم ولا يريد أن يقرأ. والمشكلة كما يقول الأستاذ الجامعي أن الطلبة تشربوا بثقافة الواتساب، فهم يريدون نصوصاً كالتي تأتيهم عبر الواتساب، أسطر قليلة وبلغة تافهة.
هجر الناس القراءة، وغدت أمراً عسيراً جداً، والنتيجة عقول غير قادرة على تكوين رأي أو التفكير في أي شيء.
إلى أين سنصل برأيكم؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق